توفيق بوعشرين، 25/08/2009
فوجئ المفكر المغربي عبد الله العروي في أحد ايام سنوات الثمانينات بدعوة تطرق بابه آتية من زعيم الثورة الخضراء. إنه معمر القذافي الذي لم يرض قط بكونه حاكما عربيا فوق آبار النفط في بلد صحراوي لا يتجاوز سكانه بضعة ملايين، بل كان، و ما يزال، يقدم نفسه مفكرا و فيلسوفا و حتى "نبيا" له كتاب خاص "الكتاب الأخضر"، و لهذا كان العقيد يحيط نفسه بالكثير من مثقفي اليسار و المبشرين بالقومية العربية. في كل مرة كان يجتمع مع "حوارييه" من كل ألوان الطيف الثقافي العربي، كان يسمع اسم عبد الله العروي يتكرر على ألسن عدة، و لهذا سيطلب العقيد لقاء العروي من الملك الراحل الحسن الثاني أولا. هذا الأخير فوجئ بطلب العقيد اللقاء بصاحب الإيديولوجيا العربية المعاصرة، و استغرب كيف يطلب العقيد لقاء فيلسوف التاريخانية العربية. و ما الذي سيجمع بين العروي و القذافي؟
مرت الأيام و لبى العروي دعوة الجار القذافي. و أترك للمفكر المغربي يحكي في لقاء جمعني به قبل مدة. يقول العروي: "كانت لي مواقف جد سلبية من القذافي و من سياساته في ليبيا، و هذا لم يمنعني من زيارة طرابلس. التقيت به فبدأ في الحديث عن مشروعه و أفكاره و كتابه الأخضر، و ما ينوي القيام به في بلاده و في خارطة العالم العربي. كانت أحلامه و حتى أوهامه تفوق إمكانياته و إمكانيات بلاده. ثم عرج على مناقشة بعض كتبي و افكاري. و قبل أن ينتهي اللقاء، سألني عن رأيي في مشروعه القومي.. سكتت لبرهة و قلت له: "الإمكانيات الكبيرة التي لديك تستطيع أن تبني بها "بيت حكمة" معاصرا هنا في ليبيا. بيت علم تدعو فيهالعلماء و المفكرين و الباحثينمن كل اختصاص، و تدعوهم يعملون بكل حرية و استقلالية. هذا أكبر مشروع أراه اليوم على الخارطة العربية. غير هذا لا أستطيع أن أرى أبعد من ذلك في هذه البلاد و في هذه المرحلة".
بدون شك جواب العروي لم يرق القذافي. لا يستطيع الزعيم أن يرى دوره محصورا بين جدران "بيت الحكمة"، فهو كان يتطلع إلى تغيير العالم من حوله، و العروي الآن أمامه يقلص من خارطة أحلامه... خرج العروي من ليبيا و لم يرجع إليها مرة أخرى.
لما التقى العروي بالحسن الثاني بعد مدة، حكى له ما دار بينه و بين القذافي. يقول العروي:" كلامي للقذافي أعجب الحسن الثاني. لا شك أنه كان يرى فيه نوعا من الانتقام مما كان يعانيه هو مع القذافي و شطحاته..."
غذا نكمل قصة العروي مع السن الثاني و محاولة هذا الأخير استقطابه إلى قصره...
Written about 5 months ago
Abdel, Etre and Brahim like this.
فوجئ المفكر المغربي عبد الله العروي في أحد ايام سنوات الثمانينات بدعوة تطرق بابه آتية من زعيم الثورة الخضراء. إنه معمر القذافي الذي لم يرض قط بكونه حاكما عربيا فوق آبار النفط في بلد صحراوي لا يتجاوز سكانه بضعة ملايين، بل كان، و ما يزال، يقدم نفسه مفكرا و فيلسوفا و حتى "نبيا" له كتاب خاص "الكتاب الأخضر"، و لهذا كان العقيد يحيط نفسه بالكثير من مثقفي اليسار و المبشرين بالقومية العربية. في كل مرة كان يجتمع مع "حوارييه" من كل ألوان الطيف الثقافي العربي، كان يسمع اسم عبد الله العروي يتكرر على ألسن عدة، و لهذا سيطلب العقيد لقاء العروي من الملك الراحل الحسن الثاني أولا. هذا الأخير فوجئ بطلب العقيد اللقاء بصاحب الإيديولوجيا العربية المعاصرة، و استغرب كيف يطلب العقيد لقاء فيلسوف التاريخانية العربية. و ما الذي سيجمع بين العروي و القذافي؟
مرت الأيام و لبى العروي دعوة الجار القذافي. و أترك للمفكر المغربي يحكي في لقاء جمعني به قبل مدة. يقول العروي: "كانت لي مواقف جد سلبية من القذافي و من سياساته في ليبيا، و هذا لم يمنعني من زيارة طرابلس. التقيت به فبدأ في الحديث عن مشروعه و أفكاره و كتابه الأخضر، و ما ينوي القيام به في بلاده و في خارطة العالم العربي. كانت أحلامه و حتى أوهامه تفوق إمكانياته و إمكانيات بلاده. ثم عرج على مناقشة بعض كتبي و افكاري. و قبل أن ينتهي اللقاء، سألني عن رأيي في مشروعه القومي.. سكتت لبرهة و قلت له: "الإمكانيات الكبيرة التي لديك تستطيع أن تبني بها "بيت حكمة" معاصرا هنا في ليبيا. بيت علم تدعو فيهالعلماء و المفكرين و الباحثينمن كل اختصاص، و تدعوهم يعملون بكل حرية و استقلالية. هذا أكبر مشروع أراه اليوم على الخارطة العربية. غير هذا لا أستطيع أن أرى أبعد من ذلك في هذه البلاد و في هذه المرحلة".
بدون شك جواب العروي لم يرق القذافي. لا يستطيع الزعيم أن يرى دوره محصورا بين جدران "بيت الحكمة"، فهو كان يتطلع إلى تغيير العالم من حوله، و العروي الآن أمامه يقلص من خارطة أحلامه... خرج العروي من ليبيا و لم يرجع إليها مرة أخرى.
لما التقى العروي بالحسن الثاني بعد مدة، حكى له ما دار بينه و بين القذافي. يقول العروي:" كلامي للقذافي أعجب الحسن الثاني. لا شك أنه كان يرى فيه نوعا من الانتقام مما كان يعانيه هو مع القذافي و شطحاته..."
غذا نكمل قصة العروي مع السن الثاني و محاولة هذا الأخير استقطابه إلى قصره...
Written about 5 months ago
Abdel, Etre and Brahim like this.